توصل العلماء إلى تقنية فرز جديدة تساعدهم على تحديد هوية الجينات (المورثات) التي تغير استجابات المرضى لأدوية السرطان وغيرها من العقاقير.
وفي الاختبارات الأولية للتقنية تمكن باحثون من الربط بين نوعين من عقاقير العلاج الكيميائي ومنطقتين في الحمض النووي للإنسان DNA، وهما تحتويان على نحو 100 جين لكل منهما.
وتوظف التقنية الجديدة الطبيعة ونظام فرز بالروبوت في القيام بأغلبية عملية الغربلة.
وقد استفاد هوارد مكليود، قائد فريق البحث وأستاذ الطب والجينات والبيولوجيا الجزيئية والصيدلة في قسم الإحصاء الحيوي في جامعة واشنطن من خطوط الخلايا التي تم تأسيسها كجزء من جهد أكبر لرسم خارطة الجينوم الإنساني قام به "مركز دراسة الأشكال الإنسانية المتعددة" بباريس، ونتج عنه 700 خط من الخلايا الإنسانية المأخوذة من عدة أجيال لعائلات كبيرة في يوتا وفرنسا وغيرهما.
وقام فريق العلماء بتعريض خلايا (غير سرطانية) من أكثر من 400 خط لجرعات مختلفة لاثنين من العلاجات الكيميائية هما fluorouracil 5- وdocetaxel، وهما قادران على قتل الخلايا السرطانية وغير السرطانية، لكن الخلايا السرطانية أكثر حساسية لتأثيراتهما ، كما أن هناك عوامل مؤثرة أخرى منها الجينات الخاصة بالأسلاف (غير السرطانية) للخلايا.
واستخدم العلماء نظام روبوت لغربلة وفرز خطوط الخلايا الأكثر حساسية لعقاقير العلاج الكيميائي حيث يظهر ذلك في ارتفاع أعداد الخلايا الميتة استجابة لجرعات منخفضة من العقاقير. كما ميز الروبوت خطوط الخلايا ذات المقاومة الأعلى للعقاقير حيث يقل أو ينعدم موت الخلايا.
ويقول الدكتور مكليود في دراسته التي نشرت في عدد 10 أغسطس/آب من فعاليات الأكاديمية الوطنية للعلوم إن النتائج لا تجيب عن كافة قضايا الارتباطات التفاعلية، لكنها إنجاز هام.
ويرى مكليود الخبير في الصيدلة الجينية- وهي مجال جديد يتعلم فيه العلماء التأثيرات الهامة لجينات الشخص في فعالية الأدوية- أنه يمكن لهذه الفروقات بين الأفراد أن تحول الدواء الذي ينقذ حياة البعض إلى سموم لدى آخرين، أو أن تجعل الدواء قليل الفائدة للبعض علاجا مؤثرا لآخرين.
وبتحديد العوامل الوراثية التي تؤثر في استجابات المرضى للأدوية، يأمل العلماء يوما أن يتمكنوا من تصميم خطط علاج خاصة بكل مريض.
ولكن الباحثين عن هذه الارتباطات يواجهون عددا هائلا من الجينات المتصلة بهذه التفاعلات في الإنسان، ويصل إلى 33 ألف جين. وتتراوح خيارات الباحثين عن جينات التفاعل في هذا المجال الواسع بين الاعتماد على وقائع مسجلة حول جينات غيرت استجابات المرضى، أو إجراء دراسة مسحية جينية شاملة للبروتينات المعروفة بتفاعلها مع دواء معين.
وتخلص نتائج الدراسة إلى أن المرضى ذوي الخلايا الأكثر حساسية للعلاج الكيميائي يمكن أن يعالجوا بجرعات منخفضة نسبيا مما يقلل الآثار الجانبية الضارة. أما المرضى ذوو الخلايا الأكثر مقاومة فقد يحتاجون إلى أدوية إضافية للتأكد من فعالية العلاج.